أصحاب المعالي، السيدات والسادة،
منذ 12 عاما، يعاني الشعب السوري من وحشية الحرب والفظائع الممنهجة والحرمان الطاحن، والحزن الإنساني على نطاق واسع.
وقد أدت الزلازل المدمرة التي وقعت الشهر الماضي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية التي كانت بالفعل في أعلى مستوياتها.
ويكابد ملايين السوريين داخل البلد - وملايين اللاجئين خارجه - مشاعر صدمة عميقة وإحساسا متغلغلا باليأس.
وأطفال سوريا يصبحون يافعين دون أن يعيشوا يوما واحدا بدون حرب.
إن السوريين يستحقون أن يكون لهم قدر من الأمل في المستقبل.
ويستحقون العيش في سلام وأمن.
ويستحقون معرفة الحقيقة حول مصير أحبائهم.
فذلك أمر تقتضيه العدالة وعليه يتوقف تحقيق السلام والمصالحة.
وهذا هو جوهر قضية الأشخاص المحتجزين والمختطفين والمفقودين.
ولا يزال مكان ومصير ما يقدر بنحو 000 100 سوري مجهولَين.
والناس في كل جزء من البلد ومن كل الفئات التي ينتمي إليها الفرقاء لديهم أحباء مفقودون، منهم أفراد أسر اختفوا قسرا واختطفوا وعذبوا واحتجزوا تعسفا.
وأغلبية هؤلاء رجال - تركوا وراءهم نساء من أقربائهم هن من يُعلن أسرهن في ظروف مستحيلة، ويقمن في الوقت نفسه برحلات بحث عن أبنائهن أو أزواجهن أو إخوانهن أو آبائهن كثيرا ما تكون مرعبة وغادرة.
أصحاب المعالي،
يجب أن نعمل بتصميم وإلحاح على إيجاد حل لهذا الوضع المؤلم للغاية.
وأشيد بالعمل الشجاع الذي تقوم به جمعيات الأسر والضحايا والناجين السوريين وغيرها من هيئات المجتمع المدني - إلى جانب جهود العديد من الهيئات الدولية - لرسم مسار للمضي قدما.
استرشادا بآرائهم ونصحهم، حدد تقريري الصادر في آب/أغسطس الماضي إطارا للحل.
حجر الزاوية هو إنشاء الجمعية العامة مؤسسةً دولية جديدة لاستجلاء مصير المفقودين وأماكن وجودهم، وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم.
إني أحث جميع الدول الأعضاء على التحرك – وأدعو الحكومة السورية وجميع أطراف النزاع إلى التعاون.
فلا بد من مساعدة السوريين على التعافي - وإزالة عقبة في سبيل إحلال السلام المستدام.
أصحاب المعالي،
لقد شهدتُ خلال السنوات العشر التي قضيتها مفوضا ساميا لشؤون اللاجئين، المعاناة المأساوية للشعب السوري – لكنني رأيت أيضا بأم عيني روحه السخية والمعطاءة.
فقبل عدة سنوات من الأزمة السورية، فتحت سوريا حدودها – وفتح أبناء الشعب السوري منازلهم - لأكثر من مليون لاجئ عراقي فروا من الحرب. ولم تكن هناك مخيمات للاجئين العراقيين في سوريا. بل كان اللاجئون العراقيون يعيشون في المجتمعات السورية.
إنه لأمر يفطر قلبي أن أرى ذوي تلك الطباع الدافئة والمرحِّبة يعانون كل هذه المعاناة.
إن المجتمع الدولي ملزَم أخلاقيا بالمساعدة في تخفيف محنتهم.
فلنرقَ إلى مستوى هذا الالتزام.
إني أحث على إنشاء مؤسسة تركز على احتياجات وحقوق الضحايا والناجين وأسرهم.
دعونا نستجب لمطالبهم بمعرفة الحقيقة.
دعونا نعيد قدرا من الأمل والكرامة والعدالة إلى الشعب السوري.
شكرا لكم.