تقرير عن واقع النساء والرجال في لبنان: نقص حاد في تمثيل النساء في المجال السياسي ومتوسط أجورهن أقل من أجور الرجال

إدارة الإحصاء المركزي اليوم، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

أطلقت إدارة الإحصاء المركزي اليوم، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التقرير الإحصائي الأول في لبنان حول احصاءات النوع الاجتماعي بعنوان "واقع النساء والرجال في لبنان: صورة إحصائية". ولفتت الهيئتان في بيان اليوم، الى أن هذا التقرير "يقدم مجموعة من الإحصاءات والمؤشرات المفصلة حسب نوع الجنس والتي تعد من الأكثر شمولا حتى اليوم. كما يلقي الضوء على أبرز اتجاهات التقدم الذي أحرزه لبنان نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في السنوات الخمس عشرة الماضية. ويركز على ستة مواضيع رئيسة وهي: الديمغرافيا، والصحة، والتعليم، وسوق العمل، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، وصنع القرار وحقوق الإنسان".

وجاء في البيان: "يبين التقرير أن التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين يتفاوت حسب مجالات الحياة المختلفة. فالتعليم، على سبيل المثال، هو مجال استطاع لبنان أن يحقق فيه تكافؤا بين الجنسين، حيث يتمتع البلد بمكانة متقدمة من حيث معدل الالتحاق بالمدارس في المرحلة الابتدائية من التعليم. ويبلغ المعدل الصافي للالتحاق بالمدارس لدى البنين والبنات من الفئات العمرية المرتبطة بالتعليم الابتدائي حوالي 90 في المئة، ويؤكد مؤشر التكافؤ بين الجنسين (Gender Parity Index -GPI) البالغ 1.0 على غياب الفجوة بين الجنسين في هذا المجال. أما في المستويات التعليمية الأعلى، فيشير التقرير الى أن معدل الالتحاق الصافي للبنات هو أعلى من معدل الالتحاق لدى البنين. من جهة أخرى، لا يزال هناك تفاوت كبير بين الجنسين من حيث معدل المشاركة في سوق العمل. ففي حين بلغت نسبة النساء 52.6 في المئة من السكان المقيمين الذين هم في سن العمل، يشير التقرير الى أن أقل من 30 في المئة منهن يشاركن فعليا في سوق العمل. وقد يدل ذلك على احتمال ارتفاع التبعية الاقتصادية للمرأة وعلى تدني العوائد الاقتصادية للاستثمار في التعليم. كما يشير التقرير إلى أن القوالب النمطية للجنسين لا تزال تؤثر على اختيار المرأة لمهنتها حيث أن 9 من بين 10 نساء يعملن في قطاع الخدمات. ولا يزال عمل النساء في قطاعي الصناعة والزراعة محدودا جدا. وقد تعود المشاركة المتدنية للمرأة في القوى العاملة إلى عدة أسباب منها استمرار التفاوت في مستوى الأجور بين الرجال والنساء، حيث يظهر التقرير أن متوسط أجور النساء اللبنانيات أقل بنسبة 6.5 في المئة من أجور الرجال اللبنانيين".

أضاف: "ويشير التقرير أيضا إلى النقص الحاد في تمثيل النساء في المجال السياسي، بما في ذلك في الحكومة وفي المناصب الإدارية العليا والمتوسطة. فعلى سبيل المثال، لا تزال نسبة المقاعد التي تشغلها نساء في البرلمان متدنية جدا. وتعد نسبة النساء البرلمانيات منخفضة بشكل ملحوظ حيث لم تتجاوز الـ 4.7 في المئة من مجموع أعضاء البرلمان في السنوات الخمس عشرة الماضية (في انتخابات عامي 2005 و2018). كذلك، لا يزال تمثيل النساء في الحكومات المحلية يمثل تحديا على مستوى جميع البلديات في لبنان. ففي الانتخابات البلدية لعام 2016، بلغت نسبة المرشحات الفائزات 5.4 في المئة فقط من مجموع المرشحين المنتخبين في جميع البلديات. كما لا يزال تمثيل المرأة ضعيفا في المناصب المهنية والقيادية العليا. وبالرغم من أن نسبة النساء في المناصب الادارية العليا والمتوسطة في القطاع العام قد تحسنت وارتفعت من 30 في المئة في عام 2004 إلى 42.3 في المئة في الفترة 2018-2019، إلا أن المرأة لا تزال غير متساوية مع الرجل في هذا المجال. ويشار الى أن الضعف في تمثيل المرأة يعتبر أكثر حدة في القطاع الخاص حيث بلغت نسبة المناصب الإدارية التي شغلتها نساء 26.5 في المئة فقط في الفترة 2018-2019".

واعتبر البيان أن التقرير " يطلق في وقت تمر البلاد بأزمة حادة ومتعددة الأوجه نتجت عنها آثار اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في لبنان، وفي غمرة دعوات إلى إجراء إصلاحات جدية على المستويات كافة. وينبغي أن تكون قضايا الإدماج والمساواة بين الجنسين محور أي برنامج إصلاحي مستقبلي للبنان. وتعد التحليلات والإحصاءات المتعلقة بالجنسين، على النحو الوارد في التقرير، عاملا مهما يسهم في تحقيق هذا الهدف".

وقالت المديرة العامة لإدارة الإحصاء المركزي الدكتورة مرال توتليان غيدانيان: "نحن نعتقد أن اصدار الإحصاءات المتعلقة بالنوع الاجتماعي ذات النوعية الجيدة والموثوقة والمحدثة هو أمر ضروري لتكوين صورة واضحة عن المكانة النسبية للمرأة والرجل في لبنان وذلك من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين في المجالات كافة من خلال عمل الحكومة اللبنانية. ومن المتوقع الاسترشاد بهذا التقرير في وضع السياسات في المستقبل، ولا سيما في ظل الاهتمام المتزايد بإحصاءات النوع الاجتماعي. وتحاول إدارة الإحصاء المركزي، بما تملكه من موارد محدودة، سد الفجوات القائمة في البيانات وتلبية الطلب المكثف على هذا النوع من الاحصاءات، وذلك بالاعتماد على مواردها البشرية الخاصة وعلى الدعم التقني والمادي الذي تقدمه الجهات المانحة والمنظمات الدولية".

وقالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان سيلين مويرو: "هذا التقرير هو ثمرة شراكة طويلة الأمد مع إدارة الإحصاء المركزي، وهو جزء من التزامنا بدعم الإدارة اللبنانية في تحسين إنتاج البيانات ونشرها وفي تطوير عملية وضع السياسات والخطط القائمة على الأدلة. وتشكل قضية المساواة بين الجنسين، باعتبارها محورا من محاور حقوق الإنسان، هدفا إنمائيا بحد ذاته. وهي أيضا عامل حاسم لتفعيل الإصلاحات في لبنان وتحقيق التنمية المستدامة على المدى البعيد. ويضيء هذا التقرير تحديدا على ضرورة إزالة أوجه عدم المساواة بين الجنسين من خلال سياسات هادفة تركز على الجنسين وتأخذ في الاعتبار تجارب المرأة وحاجاتها ومساهماتها".

وأشار البيان أخيرا، الى أن "الإحصاءات والمؤشرات التي يعرضها هذا التقرير استمدت من نتائج المسوحات الوطنية بالعينة التي أجرتها إدارة الإحصاء المركزي بين عامي 2004 و 2019، اضافة الى البيانات الرسمية المحدثة التي أتاحتها بعض الوزارات والإدارات العامة المختصة. ويمكن الاطلاع على التقرير باللغة الإنكليزية على موقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان وموقع إدارة الإحصاء المركزي على شبكة الإنترنت".